الأحد، 12 يونيو 2011

المصرف Bank

تمهيد

تمثل المصارف منظمات وسيطة بين المدخرين والمستثمرين وهي كذلك المكان الذي يلتقي فيه عرض النقود بالطلب عليها حيث تسعى البنوك إلى تجميع المدخرات على شكل ودائع بأنواعها من الأفراد والمنظمات ثم تقوم بعرضها نيابة عن المدخرين لمن يحتاج إليها من المستثمرين سواء كان هؤلاء أفراداً أو منظمات ، وهناك علاقة طردية بين التقدم الحضاري للمجتمع ومستوى الخدمات المصرفية وانتشارها في المجتمع 
إذ أن المجتمعات المتقدمة يزداد فيها تعامل الأفراد والمنظمات مع المصارف وإن أكثر الأنشطة التجارية والفردية تتم من خلال البنوك وتقل الحاجة في هذه المجتمعات للتعامل بالنقود بشكل مباشر ويكثر الاعتماد على الشيكات والنظام الآلي في التعاملات الفردية والتجارية ولذلك تقل السيولة النقدية المتداولة في المجتمعات بخلاف الحال في الدول النامية .

إن البنوك بمثابة القلب الذي يمد الإقتصاد الوطني بالأموال اللازمة للتنمية والتقدم الإجتماعي وإن أي خلل في النظام المصرفي يؤثر بشكل سلبي على الإقتصاد القومي ورفاهية الناس لذلك تحرص الدول باختلاف أنظمتها على التدخل في حالة تعرض أي مصرف للفشل لما لذلك من أثر سيئ على النظام المصرفي والأفراد والمنظمات ذات العلاقة ، وكذلك هز الثقة بالنظام المصرفي ككل لذلك تعطي الصلاحية للبنك المركزي للقيام بالرقابة المباشرة على عمليات فتح بنوك جديدة أو فروع وكذلك الهيمنه على النظام المصرفي بهدف حماية النظام المصرفي وحقوق المودعين في نفس الوقت .

 قبل أن أسترسل في تناول كيفية ظهور المصارف كان لا بد أن أحدد ماذا يقصد بالبنك ؟؟

إن كلمة بنك كلمة غير عربية فهي Bank في اللغة الإنجليزية ويقال أن أصل الكلمة إيطالي وتشير إلى منضدة أو طاولة خشبية كان يجلس إليها عادة الصرافون في مدن شمال إيطاليا في أواخر القرون الوسطى عند ممارستهم لأعمالهم في الأسواق لبيع وشراء العملات المختلفة أيام إزدهار التجارة .
وفي اللغة العربية تستخدم كلمة مصرف بكسر الراء وتعني بنك وهي مأخوذه من الصرف والصرف في اللغة العربية يعني الوزن أو المثل ويقصد به المكان الذي يتم فيه الصرف ولذلك نجد هذه التسمية شائعة في بعض الأقطار العربية إلا أن كلمة بنك هي أكثر شيوعاً .
 
كيف ظهرت المصارف ؟

يرجع الأصل في نشأت المصارف إلى تراجع نشاط كل من التاجر والمقترض والصائغ إذ أن كلاً منهم كان يلعب دوراً في حياة الناس فالتاجر اشتهر نشاطه في القرون الوسطى وزادت ثقة الناس به مما أدى إلى إصدار صكوك بمثابة شيكات لزبائنه اعتبرت كحق لمالكيها في الحصول على النقود أم مقترض النقود فلا زال شائع حتى الآن في الريف والمدينة بين أوساط الناس البسطاء .

لقد أوجد الله تعالى البشر مختلفين في الدخول فهناك من لديهم وفرة في الأموال وآخرين لديهم نقص أو شحة في الأموال ومن هنا نشأت الحاجة إلى نقل بعض الأموال من شخص لأخر ، ونشأ على هذا الأساس عمل المقرض الذي يعرض نقوده كلما كان لديه مال زائد عن حاجته ثم تطورت العملية إلى أن بدأ المقرضون يبحثون عمن لديهم أموال فيقترضونها منهم بسعر فائدة منخفض ثم يقرضونها للمحتاجين بسعر فائدة مرتفع ويحصل بذلك على الفرق وهو الربح .

والمتأمل في أعمال البنوك التجارية في الوقت الحالي يجد أنها حلت محل المقرض فهي تشجع الأفراد المحاسب الأول مثلاً بوضع نقودهم لديها على شكل ودائع بآجل أو توفير مقابل فوائد تدفع لهم بشكل دوري ( شهري ، سنوي ) ثم تجعل هذه الأموال متاحة لمن يحتاج إليها مقابل فوائد أعلى والفارق يمثل عائد للبنك .

أما الصائغ فقد قام بالدور الذي تقوم به البنوك المركزية في الوقت الحالي ويتلخص دور الصائع في أنه يقوم بحفظ ما يقدمه له زبائنه من ذهب وفضة في خزائنه الآمنة ( لا زال يقوم بهذه المهمة حتى الآن ) على شكل أمانات مقابل إصدار شهادات إيداع رسمية تستعمل فقط لسحب الذهب والفضة في بداية الأمر ثم إن هذه الشهادات ومع مرور الزمن أصبحت محل ثقة وأصبح الناس يتداولونها ويستخدمونها في سداد الديون وهكذا تحولت هذه الشهادات الإسمية إلى أوراق كأوراق البنكنوت وارتبطت شهرة الشهادات الإسمية بشهرة مصدرها .

أصبحت البنوك في الوقت الحالي تمثل التاجر القديم الذي كان يصدر صكوك لزبائنه مقابل الأموال التي لديه وهذا ما يقوم به البنك من خلال منحه دفاتر شيكات وخطابات ضمان لزبائنه الذين يصنعون أموالهم لديه ، كما أن البنك يقوم بوظيفة الوسيط بين من لديه فائض من الأموال من خلال تشجيعه بإيداعها لديه ومن يحتاج إلى هذه الأموال من أفراد ومنظمات بمنحهم ما يحتاجون إليه على شكل قروض وهذا الدور تقوم به البنوك التجارية أما البنوك المركزية فإنها تقوم بالدور الذي كان يقوم به الصائغ حيث كان يقوم بإصدار اورا ق تمثل شهادات اسمية لحاملها نضير ما أودعه لديه من ذهب وفضة .

خصائص الخدمة المصرفية

على الرغم من اشتراك الخدمة المصرفية في خصائص الخدمات الأخرى ( غير ملموسة ، التكامل بين الإنتاج والبيع ، غير قابلة للخزن ) إلا أن هناك خصائص خاصة بها تشمل :

1- الإعتماد على رأس مال الغير : تمارس المصارف نشاطها معتمدة في ذلك على أموال المودعين أفراد ومنظمات وبدرجة قد تصل إلى 90 %

2- تنوع الخدمات المصرفية : قد تنحصر الخدمات التي تقدمها معظم المنظمات الخدمية في عدد محدود من الخدمات بينما تتعدد وتتنوع خدمات المنظمات المصرفية خاصة في الدول المتقدمة .

3- التباين في تقديم الخدمة : على الرغم من اشتراك المال في جميع الخدمات المصرفية إلا أن أسلوب تقديمها يختلف باختلاف المصرف والمكان والزبون .

4- المنفعة الزمانية والمكانية : يهدف انتشار المصارف جغرافياً إلى توفير الخدمات المصرفية مكانياً ولأوسع شريحة من المستهلكين وتقوم المنظمات المصرفية بفتح أبوابها في أي وقت أو بتوفير خدماتها الإلكترونية على مدار الساعة وبأبسط الطرق .

5- نوعية وخصائص العاملين : يؤدي صعوبة الفصل بين إنتاج الخدمة وبيعها في الخدمات المصرفية إلى ضرورة تمتع العاملين بخصائص :
أ - سلوكية تتمثل ب : المظهر والأخلاق العالية والإبتسامة العريضة والقدرة على التكيف مع مختلف الزبائن .
ب- فنية تتضمن : الدقة وسرعة تقديم الخدمة والبديهه والقدةر على تعلم المهارات الجديدة .

6- صعوبة تحديد سوق الخدمة : تؤثر التغيرات الاقتصادية ( التضخم ، الأزمة المالية ، الكساد ) والديمغرافيه ( الهجرات الداخلية والخارجية ) على شرائح المستهلكين وأنواع الخدمات المطلوبة .

لماذا يثق الأفراد والمنظمات بالبنوك ؟

تنبع ثقة الأفراد والمنظمات بالبنوك كونها تعمل في ظل إطار قانوني صارم يشرف على تطبيقه البنك المركزي الذي هو بنك الحكومة وتزداد ثقة الأفراد والمنظمات بالبنوك كلما زاد المجتمع الذي تعمل فيه البنوك ثقافة وتقدماً أو زادت السمعة الحسنة للنظام المصرفي بشكل عام والبنوك التي يتعامل معها الأفراد والمنظمات بشكل خاص أضف إلى ذلك أن الأسس والمبادئ التي تمارس البنوك نشاطها في ظلها تجعل أفراد المجتمع ومؤسساته تتعامل معها وهي مطمئنة ومن أهم الأسس والمبادئ الأتي :

1- الإحتياطيات :

يفرض البنك المركزي على البنوك التجارةي الاحتفاظ بحد أدنى من الاحتياطيات مقابل الودائع والالتزامات المشابهة الأخرى التي يحددها البنك المركزي لهذا الغرض وتكون هذه الاحتياطيات على شكل ودائع قابلة للدفع عند الطلب في حساب جاري لدى البنك المركزي والهدف من هذه الاحتياطيات هو حماية أموال المودعين .

2- المحافظة على أسرار الزبائن :

فمثلا ًيودع المحاسب الأول أمواله لدى البنك ثقة منه في ذلك البنك والعاملين فيه وعليه فلا يجوز إذاعة أية أسرار تخص مركز هذا الزبون أو تمس وضعه المالي إلا إذا طالب هو بذلك والمقترضون من البنك لا يرغبون في أن يعرف الغير بأمر مديونياتهم حتى لا تتأثر سمعتهم المالية وتزداد هذه السرية في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية .

3- سرعة إنجاز الخدمات مع توفير وسائل الراحة :

تتنافس البنوك على جذب الزبائن من خلال سرعة إنجاز الخدمات التي يحتاجون إليها من ناحية وإلى توفير وسائل الراحة أثناء الإنتظار مثل توفير أماكن مرحية لاستقبال الزبائن ومواقف آمنة لسياراتهم من ناحية أخرى ، بل أن بعض البنوك في الدول المتقدمة توفر دور حضانة لآطفال الزبائن أثناء إنتظارهم للخدمة التي يطلبونها  ، وتسعى البنوك إلى تبسيط الإجراءات والاستعانة بأحدث أجهزة الكمبيوتر التي تساعد في سرعة استرداد المعلومات الخاصة بالزبون .

4- حسن المعاملة :

تختار البنوك الموظفين الذين يقابلون الزبائن بعناية وغالباً ما يكونون من الإناث كما هو الحال في الدول الأجنبية وتدربهم بشكل جيد ويتمتعون بأخلاق وحسن مظهر والهدف من وراء ذلك هو ضمان حسن معاملة الزبائن من أجل جذبهم للتعامل مع هذا البنك أو ذاك .

5- توفير الخدمات المصرفية في الوقت والمكان المناسب :

تسعى البنوك في الوقت الحالي إلى توفير الخدمات المصرفية في أماكن تواجد الزبائن سواء كان ذلك داخل المدينة الواحدة أو في شتى أنحاء الدولة بل وفتح فروع على مستوى إقليمي أو دولي ويتم تقديم الخدمات للزبائن في الوقت الذي يحتاجون فيه للخدمة على مدار الأربعة والعشرين ساعة وذلك من خلال الصراف الآلي والي ينتشر بشكل واسع بحيث لا يكاد يخلو سوق مركزي أو مول دون وجود الصراف الآلي ولمختلف البنوك بل أن هناك آلات خاصة في كندا وأمريكا متوفرة في المحلات التجارية يحاسب الزبون من خلالها من رصيده في البنك وتجري مقاصة فورية بين الزبون والمحل آلياً من خلال زيادة رصيد المحل بالمبلغ الذي اشترى به الزبون وخفض رصيده بنفس المبلغ .

لماذا تعتبر المصارف من المنشآت المتخصصة ؟

تعتبر المصارف من المنشآت المتخصصة ذات الطابع المالي والذي يلتقي فيه عرض النقود بالطلب عليها والفرق بين هذا النوع من المنظمات وغيرها ليس مبدأ التخصص في رأيي إذ أن كل منظمة متخصصة في مجالها ولكن تختلف المصارف عن غيرها ن المظمات بأنها لا تجري أي تغيير في مدخلاتها إذ أنها تستقبل الأموال من المودعين وتمنحها للمقترضين كما هي وبالتالي فإن العمليات هنا وحسب مدخل النظم عبارة عن خدمات تفاوضية مع المقترضين أي أن المصارف لا تحدث أي تغيير في مدخلاتها بينما المنظمات الأخرى الغير مالية تحدث تغير في مدخلاتا سواء كان ذلك التغيير جوهرياً مثل مدخلات مصنع النسيج الذي يشمل القطن وغيره من المواد الخام فتحدث له عمليات توصله إلى مخرجات على شكل ألبسه أو كان شكلياً مثل المنظمات التي يتركز نشاطها على التغليف والتعبئة .

أنواع المصارف

تقسم المصارف تبعاً :

أولا- لطبيعة النشاط الذي تمارسه : البنك المركزي ، بنوك تجارية ، بنوك إسلامية ، بنوك غير تجارية ( بنوك متخصصة " صناعية ، تجارية ، عقارية ، زراعية " ، بنوك استثمار )

ثانيا- تبعاً لملكيتها : البنك المركزي عام ، مختلط ، خاص

وفيما يلي هذه صورة مختصرة عن كل نوع من هذه البنوك :

* حسب النشاط

1- البنك المركزي : يتركز نشاط هذا النوع من البنوك في إصدار العملة ومراقبة نشاط البنوك التجارية والمحافظة على توازن سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية إضافة إلى أن البنك المركزي هو بنك الحكومة ويقوم بكل ما يكلف به من قبل الحكومة .

2- البنوك التجارية : هي البنوك التي تقوم بقبول الودائع بأنواعها الآجل أو حساب التوفير تدفع لأصحابها عند الطلب بالنسبة لحساب التوفير وعند الأجل المحدد بالنسبة للودائع ، وتمنح كذلك القروض قصرة الأجل التي تستخدم في تمويل النشاط التجاري في الغالب وهذا هو نشاطها الرئيسي إضافة إلى أنشطة أخرى امتد في الآونة الأخيرة إلى أغلب المجالات ( صناعية وعقارية ) .

3- البنوك المتخصصة : يتخصص هذا النوع من البنوك في قطاعات معينة مثل القطاع الصناعي والعقاري والزراعي وغالباً ما تعتمد في مواردها المالية على المبالغ التي تخصصها لها الدولة ، إضافة إلى السندات والأسهم التي تصدرها والقروض طويلة الأجل وهذا النوع من البنوك كان أكثر شيوعاً في العقود الماضية خاصة في الدول النامية بعد أن تحررت من الاستعمار وكانت تشعر بمدى الحاجة إلى دعم القطاعات الصناعية والزراعية والعقارية ، وشاع هذا النوع من البنوك في الدول ذات الأنظمة الشمولية والمختلطة والتي تبنت على عاتقها مسؤولية التنمية الاقتصادية إلا أن دور هذا النوع من البنوك بداء يتلاشى في العقد الأخير من هذا القرن وأنها مؤهلة بأن تصبح تجارية .

4- البنوك الإستثمارية : تعتمد هذه البنوك على القروض طويلة الأجل والسندات وتغلب على نشاطها كذلك المضاربة في الأمور المالية وهذا ما يميزها عن البنوك التجارية الأخرى .

5- البنوك الإسلامية : نشاط هذه البنوك يقوم على أساس المبادئ الإسرمية ولذلك فهي تعتبر الفائدة التي تتعامل معها البنوك التجارية حرام كونها تحدد بمعدل ثابت مسبقاً ولذلك فإنها تقبل الودائع بأنواعها على أساس المشاركة في الربح وليس بمعدل ثابت محدد مسبقاً وكذلك تمويلها للغير يقوم على نفس الأساس .

* حسب الملكية

1- القطاع العام : يتمثل في البنك المركزي الذي هو بنك الحكومة المسؤول عن حساباتها

2- مختلط : تشارك الدولة القطاع الخاص في تأسيس بعض البنوك التجارية والبنوك المتخصصة ( صناعية ، زراعية ، عقارية ) وتكون أغلبية الأسهم للدولة .

3- خاص : ويشمل البنوك التجارية أو تلك التي يشارع فيها القطاع الخاص 100 % مع شركاء أجانب من الخارج .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق