يوجد العديد من الضوابط التي تقيد أنشطة المدير وتؤثر في بيئته وعمله وهي تشمل المنافسين والمستهلكين والنقابات العمالية والسياسات الحكومية وغيرها ، وهذه الضوابط المقيدة لأنشطة المدير ما هي إلا ضغوط ترسم له حدوده حول ما الذي يستطيع أولا يستطيع عمله مثلاً المدراء لا يستطيعون اختيار المكان المناسب لإلقاء النفايات وتلويث الطبيعة وعليهم التخلص من هذه النفايات في المكان الذي تخصصه الدولة ، وقد يكون هذا المكان بعيداً وبالتالي تتحمل المنشأة تكاليف اضافية يحسب لها المدير حساباته ،
ويكون سلوكه لا أخلاقياً إذا تخلص من النفايات في مكان مختلف قد يكون قريباً من المنشأة أو قريباً من الأحياء السكنية وغير ذلك من القرارات التي تمثل سلوكيات قد لا يستطيع المدير اتخاذها بسهولة .غير أن البعض قد يعتبرها ضغوط عادة ما تكون متشابهة في جميع المنشأت وهي تختبر بصورة جوهرية أخلاقيات المدير ومعايير قيمه الشخصية ويرجع هذا إلى أن تصرفات المدير فيما يتعلق بأمور اخرى مثل التقيد بمعايير سلامة ونظافة المنتج أو تثبيت الأسعار أو توفير عوامل الأمن والسلامة للموظفين واستقرارهم الوظيفي تمثل التزام بالمسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع والعملاء والمساهمين وبالتالي فهي تعتمد بصورة أخلاقية على شعور المدير بما هو الصواب وما هو الخطأ .
غير أن المدير يواجه ضغوطاً أخرى يجب أخذها في الحسبان وهي المتعلقة به شخصياَ ويكون لها تأثير على سلوكه وقراراته مثل الضغوط الصحية وهو أمر تهتم به الشركات وتولي صحة المدير وراحته النفسية أمراً هاماً يتصل بقراراته وكذا الضغوط الاجتماعية والأسرية المحيطة بحياته الشخصية .
قيم وأخلاقيات
ذكرت مما سبق الضغوط التي يواجهها المدير والحقيقة هي أن هذه الضغوط تجبره على التفكير في التصرف السليم بالرجوع إلى هيكله القيمي ونظامه المعرفي فهو إذاً يتصرف وفق معتقداته وقيمه التي تشكل حصيل خبرته السابقة وليس بالضرورة أن يكون هذا التصرف أو ذاك إنعكاساً لأفضل المواقف الموجودة ولم يحدث من قبل أن خضعت مقاييس القيمة الشخصية للمدير لكثير من التدقيق مثلما هي عليه في الوقت الحاضر ، فقد كثرت الأسئلة عن أخلاقيات المدراء والمسئولية الاجتماعية للأعمال التي يقومون بها وظهرت بعض المفاهيم الإدارية الجديدة مثل السلوك السياسي للمدير والذي يمثل السلوك الخفي الذي يثير التساؤلات حول أهدافه الحقيقية ومن هذه التساؤلات :
هل المدير يعمل من أجل بقاء واستمرار حياة المنشأة ؟ أم يعمل لصالح حملة الأسهم على حساب مستقبل الشركة ؟ أو هل هو يعمل من أجل تحقيق اهدافه الشخصية على حساب مستقبل الشركة والمساهمين معاً ؟ وما هو موقفه بالنسبة للعاملين في الشركة وكذلك في المجتمع ؟ ولماذا لا يستجيب للتقارير المالية الرقابية التي يعدها المحاسب الأول ؟ وهل المبررات التي يطلقها صحيحة أم خاطئة ؟ ...إلى اخره الكثير والكثير من التساؤلات .
وعلى أية حال هناك إتجاه قوي لفهم ومعالجة ما يجري داخل الشركة حول سلوك المراكز وعلاقة هذه المراكز المتعارضة الأهداف بعضها ببعض والصراعات الخفية بين مسئولي هذه المراكز الإدارية ، وقد كشفت الدراسات العلمية والفضائج الإدارية عن ذلك السلوك اللأخلاقي لبعض المدراء حتى طفى هذا الموضوع إلى السطح ليسمى " بالفساد الإداري " ليس فقط في الأجهزة الحكومية وإنما في المنشأت الخاصة أيضاً حتى أن بعض الدراسات وصفت سلوك المدراء بأنهم يعملون دون حدود أخلاقية .
وهناك حالات كثيرة على وجود شركات متورطة في سلوكيات لا أخلاقية ففي السنوات الأخيرة تم الحكم بحبس عدة موظفين يعملون في عدد من البيوت المالية والبنكية المشهورة في وول ستريت على ذمة استخدامهم اللاشرعي لمعلومات عن احتمال الاندماج بين شركات معنية لتحقيق أهداف شخصية فعلى سبيل المثال لا الحصر شركة I.N.Houton وهي مؤسسة وساطة مالية كبرى فقدت استقلاليتها من خلال الاندماج الإجباري بعد إدانتها بتضليل وخداع البنوك التي تتعامل معها بسحب ملايين من الدولارات عن طريق نظام الشيكات ، كذلك شركة دركسيل يورنهام لامبيرت إحدى أكثر مؤسسات الاستثمار البنكي أفلست وحكم على مديرها ميشيل هلكين بالسجن ( الذي كسب 550 مليون دولار خلال سنة واحدة ) بالإضافة إلى دفعه غرامة كبيرة للحكومة الفدرالية الأمريكية بسبب مخالفته لقوانين السندات المالية وغيرها غيرها من الأمصلة التي لا تعد ولا تحصى لمثل هذا السلوك في الدول الأوروبية والعربية .
إن الإهتمام ينصب أكثر فأكثر على الوظائف الأخرى التي تمارسها الإدارة داخل الشركات ممثلة بالمراكز الإدارةي خصوصاً والموظفين في مختلف مستويات الإدارة عموماً ومن أهم هذه الوظائف ما يسمى " بالسلوك السياسي " الذي حظي باهتمام بالغ من قبل الباحثين في أوروبا وأميركا خلال السنوات القليلة الماضية ولا شك أن مثل هذه الأفكار ستحظى بأهمية أكبر خلال العقد أو العقدين القادمين للتعرف على أسباب ودوافع اختيار المدراء وغيرهم من الإداريين للسلوك غير الأخلاقي في تحقيق أهدافهم وخاصة في المواضيع الخطرة التالية مثل :
تشغيل المصنع فوق طاقته وإنتاج سلع غير متمايزة ، الإتصال الخفي بالمنافسين والموردين ، عدم الإلتزام بالمسئولية الإجتماعية ، ثقافة التآمر ، توزيع مكافأت عالية للأرباح ، قرارات التسعير اللامركزية ، الصراعات بين المراكز الإدارةي ، الصراع بين الموظفين الإداريين ، التسيب في العمل ، قرارات التعيين والفصل الإداري ، القضايا المتعلقة بتثبيت الأسعار ، والكيفية التي يتخذ بها المدير قراراته المالية ...إلى أخره
الأخلاقيات الإدارية الحديثة
قام رايموند بومهارت عام 1961 بمسح لقراء دورية Harvard business review توصل من خلالها إلى النتائج التالية حول أخلاقيات الإدارة :
1- إن ضغط الرؤساء في الشركة كان هو العامل الرئيسي المؤثر في المدير التنفيذي كي يتخذ قرارات غير أخلاقية .
2- يميل المديرون إلى النظر إلى معاييرهم الأخلاقية كمعايير عالية ولكن رأيهم يكون اقل في التطبيقات الأخلاقية .
3- إن خطوات تحسين السلوك الأخلاقي يجب أن تأتي من الإدارة العليا وإن لم تبادر الإدارة العليا بذلك فمن يا ترى يقوم بذلك ؟
فهل تغيرت أخلاقيات الإدارة اليوم عن عام 1961 ؟ وما هي أسباب المأزق الأخلاقي الذي يواجهه المدير ؟
لقد كان هذين السؤالين من بين الأسئلة التي يتعين على الباحثين الإجابة عليها ومن أجل ذلك قام عدد من الباحثين بمثل ما قام به بومهارت بدراسة مسحية لأكثر من 1200 قارئ لنفس الدورية عام 1976 ومن بين أهم الأسئلة الموجهة للقراء " ما هي الممارسات غير الأخلاقية التي يريد المديرون تحديدها " ؟ وقد أجاب 25 % من القراء أن تحديدها في الهدايا والمنح والرشاوي " في حين اجاب 14 % أن تحديدها في الممارسات التنافسية غير العادلة وخداع العملاء عن طريق الإعلان غير الأمين ، وفي سؤال أخر " إلى أي مدى تنتشر الممارسات غير الأخلاقية " ؟ وكانت الإجابة على هذا السؤال من جماعتي 1961 و 1976 حيث اعتقد ما يقرب من 80 % من إجابات جماعة 1961 أنه توجد ممارسات غير أخلاقية في صناعاتهم في حين أحسن نحو 70 % من إجابات 1976 بأنه توجد ممارسات لا أخلاقية .
وفي سؤال أخر " هل الأخلاقيات أعلى هذه الأيام " ؟ أي أعلى مما كانت عليه في عام 1961 وقد كات الإجابات غير حاسمة فنسبة 32 % من المديرين شعروا أن المعايير منخفضة هذه الأيام وظن 41 % أنها نفسها تقريباً وشعر 25 % أنها أعلى ، ومن العوامل التي شعر المديرون أنها تسبب الضغط للمعايير المرتفعة هذه الأيام الفضيحة العلنية والدعاية ووسائل الإتصال والاعلان نظراً لأن الإتصالات اصبحت أكثر أهمية يومنا هذا .
وبالتالي ومن وجهة نظري فإن العوامل المؤثرة في القرارات غير الأخلاقية ستكون على التوالي من حيث الأهمية :
* ضعف الوازع الديني
* سلوك المشرفين
* السياسات الرسمية
* المناخ الأخلاقي في المنشأة
* سلوك أصدقاء الشخص في المنشاة
* المناخ الأخلاقي في المجتمع
* الإحتياجات المالية للفرد
إن الأسئلة التي أريد أن أطرحها الآن ونحن في بداية قرن جديد هي تلك الأسئلة ذاتها التي وردت في الدراسة ، إلى أي مدى تنتشر الممارسات غير الأخلاقية ؟ وهل الأخلاقيات أعلى هذه الأيام ؟ وما هي الممارسات غير الأخلاقية للمديرين في الوقت الحاضر ؟
إنه لمن الصعب تحديد الإجابة بدون دراسة ميدانية لكي احصل على إجابات مؤكدة إلا أنني أستطيع الافتراض أن الممارسات غير الأخلاقية قد زاد تمركزها عند أعضاء الإدارة العليا في المنشأة وما نسمعه ونقرؤه عن الفضائح والسرقات وفصل الموظفين والغش والخداع والتحرش الجنسي يمثل مؤشرات إنتشار الفساد العام في المنشأت على السواء حكومية أو خاصة ، في الدول العربية أو الأجنبية.
أخلاقيات مدير ناجح
يمثل المدير قيادة العمل الإداري أو الفني فهو رجل الإدارة وممثل السلطة ولكي يتحلى بروح القيادة وسلوك يحترمه الموظفين والعملاء ويحظى بسمعة ومكانة إجتماعةي مرموقة يتطلب فيه توفر مجموعة من الأخلاقيات المهنية والشخصية والعامة ومن هذه الأخلاقيات ذات العلاقة بالمهنة أو الزظيفة مايلي :
1- الإيمان بأهمية العمل الإداري وقيمة السلوكية والإخلاقية
2- الإدراك الكامل للأهداف التي يعمل من أجل تحقيقها
3- العمل مع الأخرين بطريقة بناءه وإنسانية وتنسيق جهود العاملين دون تحيز .
4- فهم المشكلات في بيئة العمل ومنع الدسيسة والتحقق قبل اتخاذ القرار .
أما بالنسبة للأخلاقيات ذات العلاقة بشخصية المدير فهي :
1- من علامات تكامل الشخصية الإيمان بالله وعبادته والمحافظة على أركان الإسلام .
2- مراقبة ومحاسبة النفس وبأن الله يرى كل كبيرة وصغيرة .
3- الإحساس بالمسئولية الملقاة على عاتقه .
4- العدالة والاستقامة واشراك العاملين في عملية اتخاذا القرارات بصورة علنية .
5- التواضع في السلوك العام والحزم بجانب الحق والمرونة عند اللزون والبعد عن الشك والظن .
6- الاستعداد والتضحية والدفاع عن مصالح الموظفين المشروعة والتعاطف معهم .
أما بخصوص السلوك العام للمدير فيجب عليه أن يتمتع بمجموعة من الأخلاقيات منها :
1- الإلتزام بالمسئولية الاجتماعية وخاصة ما يتعلق منها بعدم تلويث البيئة وتشويه الطبيعة ومنع الضوضاء ورعاية المرؤوسين ..إلى أخره .
2- المبادأة والابتكار وتقبل آراء وأفكار المرؤوسين والتفاعل الإجتماعي والسيطرة على النفس في مواقف الأزمة .
3- التمثيل الامين والصادق للشركة والتخطيط والمحافظة على النظام وتقبل النقد البناء والاعتذار عن الخطأ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق