يحفظ التاريخ العربي ـ عبر القرن الماضي، وبدايات هذا القرن ـ عددا من الأحداث المهمّة التي تُوصف بأنّها غيّرت مجرى التاريخ، فيما يصفُها آخرون بالنكبات أو النكسات، وهي تحت كلّ الصفات أحداثٌ مفصليّة، تذكرها الأجيال، وتتكرر ذكرياتها بكل ما تحويه من معاني الأسى، أو الفخر.
ويمكن القول إن نكبة 1948 كانت المفصل الأول في التاريخ العربي الحديث، تليها نكسة 1967، ثم عبور 1973، إلى غزو العراق للكويت، ومحادثات السلام، من مدريد إلى أوسلو، إلى بقية حلقات السلسلة التي لمّا تصل حلقتها الأخيرة، ثم كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واحتلال أميركا للعراق، وما تبعهما من تداعيات وأطماع في السيطرة الإقليميّة.
بين الحدث الأخير، والحدث الأول تغييرات سياسيّة متشابهة في إطارها العام، وهي لم تتجاوز كونها انقلابات وثورات مليئة بالوعود التي ذهبت أدراج الرياح، ولم تعد الرهانات عليها ممكنة، لأن شيئاً منها لم يتحقق.
الآن، لم تعد هذه الأحداث التقليدية، في سماتها العامة، أسباباً فريدة في تغيير مسارات التاريخ، إذ لم تعد الحروب، أو الانقلابات وتغيير أنظمة الحكم، أو مواجهات العرب المتتالية مع إسرائيل، هي مكونات المفاصل التاريخية، وإنّما ظهرت على الصفحات أسبابٌ غير مسبوقة في كيفيّاتها، ودوافعها.
الثورات الشعبية باتت مشكّلاً عصريّاً للتاريخ، وأصبحت الجموع المتفقة على الأهداف، على الرغم من اختلافها في الانتماءات، هي من يكتب الصفحات الجديدة من سِفْر التاريخ العربي الحديث، ممّا يستدعي الكثير من عوامل التغيير، ويحتّم الاستماع إلى صوت الشارع، لأنّه بات مؤثّراً وقادراً على التغيير.
السؤال: هل يمكن أن تكون الأحداث الأخيرة في تونس ومصر، المنعطف الجديد في تاريخ الأمة العربيّة؟ وهل ستأتي أجيالٌ تذكرُ الأفعالَ وتحلل الأسبابَ، وتلحظ تسارع الأحداث، لتؤرّخ بسنة 2011، كما ذكرت أجيالٌ سبقتْها سنواتِ الانتصارات والنكسات؟.. الجواب مرهونٌ بما سيتبع الأحداث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق