الاختراع والإبداع التكنولوجي:
تُستعمل كثيراً كلمة الإبداع التكنولوجي للدلالة على شيء جديد، بارع أو مدهش، أو فريد من نوعه، حتى عند الحديث حول الأفكار البارعة والفنون، دون التمييز بين تلك الأشياء خاصة من حيث طبيعتها، وحقيقة الأمر أنه ليس كل شيء بارع، رائع أو جديد هو إبداع تكنولوجي يُمكنُ من تقوية قدرات المؤسسة الصناعية والاقتصاد ككل.
تتداخل مصطلحات الاختراع و الإبداع في اللغة، فالاختراع يمكن أن يمثل بفكرة جديدة، فالمقابل الإبداع التكنولوجي هو تجسيد هذه الفكرة في الواقع وهو النهاية التجارية أو الصناعية للاختراع، والذي يصبح إبداعاً عندما يظهر في السوق، وكذلك عندما ينشأ أو يستخدم في النسيج الصناعي؛ ونقصد بالتكنولوجيا " فن وضع حيز التنفيذ في سياق محلي ولهدف معين، كل العلوم، التقنيات والقواعد الأساسية التي تدخل سواء في تصميم منتجات أو في الأساليب الفنية للإنتاج في المؤسسة" وهو تعريف الاقتصادي Morin .
أستعمل مصطلح الإبداع التكنولوجي بالمعنى الحديث لأول مرة من طرف الاقتصادي Josef Schumpeter سنة 1939، بقوله أن الإبداع التكنولوجي هو التغيير المنشأ أو الضروري، وقد ورد هذا التعريف في القاموس الإنكليزي لاكسفورد (OED : L’Oxford English Dictionary)، وعرف في قاموس Petit Robert طبعة سنة 1992 على أن " الإبداع التكنولوجي هو إدخال شيء معد من شيء جديد، وغير معروف".
هناك تعاريف كثيرة للإبداع التكنولوجي والاختراع فتارة يذكر الأول ويراد به الثاني وبالعكس، وتارة أخرى يستعمل المصطلحان لنفس الغرض، وفي الحقيقة يوجد فرق كبير بينهما، فالاختراع هو إيجاد شيء جديد أما الإبداع التكنولوجي فهو الاختراع الذي يعود بالنفع، أي هو خطوة أكثر من الاختراع؛ فقد تبتكر ولكن تبقى هذه الفكرة دفينة ولا يستفيد منها أحد، ولكن بعد أن تطوره إلى ما يستفيد منه الآخرون فأنت بذلك أصبحت مبدعاً.
ولا ينبغي أن يذهب بنا التفكير إلى أن الإبداع التكنولوجي يكون فقط في اختراع جهاز جديد أو شيء جديد، بل إن الإبداع التكنولوجي قد يكون بفكرة إدارية أو بطريقة أداء أعمال مألوفة بطريقة غير مألوفة.
1- ما هو الإبداع ؟
الإبداع انه ' الخروج عن المألوف '، والإبداع بالمفهوم التربوي عملية تساعد المتعلم على أن يصبح أكثر حساسية للمشكلات وجوانب النقص والثغرات في المعلومات واختلال الانسجام وما شاكل ذلك، وتحديد مواطن الصعوبة والبحث عن حلول وتكهن وصياغة فرضيات واختبار هذه الفرضيات واعادة صياغتها أو تعديلها من أجل التوصل إلى نتائج جديدة ينقلها المتعلم /ة للآخرين.
الإبداع هو ما ينتج عنة تفكير إبداعي أصيل، مميز ونافع يساعد في تطور تربوي أو اجتماعي أو تكنولوجي ما، أو يساهم في حل مشكلة ما بطريقة مبتكرة أو مميزة معتمدا على أصالة التفكير في فحص اكبر عدد ممكن من الفرضيات المتوفرة واختيار الأحسن والأنسب للواقع التربوي او الاجتماعي أو التكنولوجي وغيرة.
2- مفهوم الإبداع التكنولوجي:
كثيرا ما يتم استعمال كلمة الإبداع للدلالة على كل شيء جديد و فريد من نوعه، بالإضافة إلى ذلك فإنه يشمل الأفكار البارعة و النيرة و الفنون الرائعة. و ما يجب الإشارة إليه هو أن الإبداع ليس هبة منحت لمجموعة قليلة مختارة من الأفراد، فكل فرد يولد و بداخله طاقة إبداعية هائلة .
يمكن تمثيل نظام الإبداع التكنولوجي كنظام مفتوح على البيئة التقنية (العلم و التكنولوجيا), الاجتماعية, الثقافية, الاقتصادية, و السياسية, ليتغذى من مواردها المختلفة قصد تحويلها –الموارد والمعلومات- إلى إبداعات في شكل منتجات أو أساليب محسنة أو جديدة.
و يقاس الإبداع من خلال آثاره على البيئة, و هذا ما أكده بيتر دروكر :" الإبداع يعمل على إنشاء مستقبل مغاير أو مختلف".
و يمكن تعريف نظام الإبداع التكنولوجي بأنه مجموعة النشاطات أو الوظائف المعدة لتحويل فكرة منتوج أو أسلوب إنتاج, إلى غاية إنجازها و تجسيدها في شكل ملموس.
إذن يمكن القول أن الإبداع هو" كل الأعمال التي يقوم بها الأفراد و المؤسسات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحصول على نتائج إيجابية في كافة الميادين ".
3- خصائص الإبداع التكنولوجي :
1- إن الإبداع التكنولوجي هو نتيجة تطبيق معارف فنية أو تكنولوجية معترف بها، و معنى هذا أن كل جديد يقوم على معلومات غير دقيقة و بالتالي يؤدي إلى نتائج غير فعالة لا يمكن اعتبارها إبداعا تكنولوجيا.
2- أن يكون الإبداع مرتبطا بالإنتاج والإنتاجية، أي أن كل إبداع لا يؤدي إلى تحسين عملية الإنتاج أو استخدام عناصر الإنتاج، ولا حتى في توفير منتجات جديدة أو تحسين المنتجات المتواجدة لا يعتبر إبداعا تكنولوجيا بالمعنى الصحيح.
3- إن الإبداع التكنولوجي بدون انتشاره في الأسواق يكون محدود الفعالية و الكفاءة حسب النظرة الشومبيترية، فإن الإبداع التكنولوجي هو عامل أساسي في المنافسة و بالتالي في ديناميكية السوق الحرة، وحتى تتحقق التنمية الاقتصادية الشاملة لا بد من أن يكون له أثار أوسع .
4- إن المجهودات الإبداعية التي تؤدي إلى عدم التحكم في التكاليف ليست إبداعات تكنولوجية، و النقطة الأساسية هنا هي أن الإبداع التكنولوجي يحمل في طياته المنافسة في التكلفة النهائية.
4-دفع الإبداع التكنولوجي وتنمية نقل التكنولوجيا:
بعض الأعمال التي تساهم في دفع الإبداع التكنولوجي وتنمية نقل التكنولوجيا:
أ-الملكية الصناعية:
تشجع حماية حقوق الملكية الصناعية واحترامها على الاختراع والابتكار.
-براءات الاختراع،
-علامات الصنع والتجارة والخدمات،
-الرسوم والنماذج،
-التصميمات الشكلية للدوائر المتكاملة.
ب-الإحاطة بالباعثين الجدد والعمل على بعث صناعات تفرض استخدام تكنولوجيا حديثة.
5-الخاتمة:
إن المتغيرات البيئية تؤثر على الإبداع التكنولوجي للفرد, و قد تكون هذه المتغيرات معوقات تواجه الإبداع و المبدع على حدّ سواء, و هذا لا ينفي أنه بإمكان الفرد أن ينتج أو يبدع مهما كانت البيئة التي يعيش فيها, و نميز نوعين من الإبداعات الإنسانية: إبداع فكري و إبداع تطبيقي, فبالنسبة للأول لا يتأثر بالبيئة, أما الثاني فيتطلب نجاحه توفر شروط معينة تساعد على تحقيق هذه الإبداعات و عدم توافرها يؤدي إلى إعاقة هذه العملية.
و في حقيقة الأمر, إن الدافع للإبداع هو الطلب عليها (الناتج عن المحيط), و لا تتحقق هذه الإبداعات إلا باستغلال الموارد المتاحة في البيئة و ترشيد هذا الاستغلال بما يخدم الإبداعات التكنولوجية,
و عند خلق الإبداعات التكنولوجية يقوم المجتمع بنقدها و بالتالي يستعمل المبدعون هذا النقد لخلق إبداعات تكنولوجية جديدة أكثر تطوراً, مما يسمح بتحقيق ديناميكية تضمن لها استمرار عملية البحث, الإنتاج, و الإبداع و تنميته إلى مستوى أرقى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق