هذه الأرقام تسمى باللغة العلمية (الأرقام العربية Arabic Numeric) ، ولن نزيد عن الكلمة العظيمة التي قالها المهندس الإنشائي الكبير البروفيسور (كيني) إذ قال في مقدمة أحد كتبه : (يكفي العرب فخرا أن تكون أرقامهم أساسا لكل علومنا الحاضرة) .
المسلمون والأرقام :
لقد ابتكر المسلمون واستعملوا نظامين للترقيم هما : الأرقام الهوائية ، والأرقام الغبارية . وقد طوّر العرب هذه الأرقام ، وهذّبوا معالمها ، وأصلحوا كتابتها ، وحسنوا أشكالها ، فأصبحت آية من الإتقان والضبط والسهولة في الكتابة والقراءة ، وفي هذين النظامين للأرقام اُستعمل الصفر الذي اشتق من دائرة ذات مركز في الوسط ، وقد استعمل الإطار الخارجي للدائرة ليكون الصفر في الأرقام الغبارية . أما الأرقام الهوائية فقد أخذت النقطة المتواجدة في مركز الدائرة لتعبّر عن الصفر .
وقد استعملت الأرقام الهوائية من قبل أبي الجبر والحساب في العالم الإسلامي الجليل محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه الشهير (حساب الجبر والمقابلة) (164 هـ - 253 هـ) ، وقد سميت هذه الأرقام كذلك بالأرقام الهندية أو الأرقام الخوارزمية ، وهي الأرقام المستعملة في المشرق العربي وبعض البلاد الإسلامية ، أما الأرقام الغبارية فهي الأرقام العربية المستعملة في المغرب العربي والأندلس إبان الحكم الإسلامي ، وانتقلت إلى أوروبا والغرب عبر البلاط البابوي في روما ليُطلق عليها هناك اسم (الأرقام العربية Arabic Numbers).
الأرقام العربية الغبارية وعلم الزوايا :
يمثل كل رقم رسما توضيحيا يعتمد على زوايا تقابل ذلك الرقم ، فالعدد (1) يمثل زاوية واحدة ، والعدد (2) يمثل زاويتين ، والعدد (3) كذلك وهلمّ جرّا . . . إلى أن نصل إلى العدد تسعة وهو مكون من تسع زوايا كما هو مبين بالشكل أدناه لمواقع الزوايا لكل رقم غباري عربي.
الأرقام العربية تغزو أوروبا :
انتقلت الأرقام العربية في أول رحلة لها إلى الغرب في عام 999 ميلادية ، فقد كان البابا جربرت الملقب بسلفستروس الثاني (SILVESTER 2) قد تعلم الأرقام العربية التسعة من العرب ، وقد انتشرت الأرقام العربية في إيطاليا ثم انتقلت إلى بقية دول أوروبا . وتحدثت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة في كتابها القيم (شمس العرب تسطع على الغرب) فقالت : (فإن شخصية هذا الرجل ، الذي حيّر بعلمه معاصريه ، والذي جارى المسلمين في معتقداتهم ، ...) .
يتبعها بعد ذلك ترجمة كتاب الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية ، كما أن العلماء وطالبي العلم الوافدين من أوروبا إلى الأندلس للدراسة والبحث وطلب العلم قد تمكنوا من التأثير المباشر في عملية نقل الأرقام العربية إلى الغرب .
ومن الشخصيات الهامة التي نشرت الأرقام العربية بين الناس في أوروبا شخصيتان تحدثت عنهما الدكتورة زيغريد هونكة هما : توماسين فون زليرا (THOMASIN VON ZEELARE) وليوناردو فون بيزا (LEONARDO VON PISA) . ومع أن التغيير لم يتم في يوم وليلة وإنما اتخذ فترة زمنية ارتبطت بالدراسة والتعليم ثم التيسير والمراجعة ودفع الموضوع إلى عامة الناس على مراحل ليتمكنوا من استيعابها واستعمالها في حياتهم المعيشية وفي تجارتهم وبيعهم وشرائهم. وقد تأثر بلاط القيصر فردريك الثاني بهذا الإشعاع العلمي المنطلق من الشرق المسلم عبر جبال البرنيز من شبه جزيرة إيبيريا الإسبانية وجزيرة صقلية الإيطالية.
ملاحظة :
لقد سميت الأرقام الغبارية بهذا الاسم لأنها كانت تكتب في القديم على طاولة أو على لوحة تكسوها طبقة خفيفة من الرمل ، وقول آخر يقول :
(وأصل التسمية - الغبار – لا يرجع كما يقول بعضهم إلى نشر الدقيق أو الرمل والكتابة فوقه , وإنما هو مشتق من غبر بمعنى مضى ، ولهذا يسمى خط الغبار أو خط الجناح) .
أما الأرقام الهوائية فقد سميت بهذا الاسم لانها كانت تُـعد وتُـحسب في الذهن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق